في حق أنيس صلاة جعفر الحاج علوي السيد محسن
(الصلاة معراج المؤمن)، وهذا مؤمن كانت "صلاة جعفر" معراجه الخاص، وأجنحة جعفر هي آلة تحليقه في ملكوت الله تعالى، إذ ارتبط اسمه الكريم بهذه الصلاة خاصة، يتقدم فيها أرجل وأكفّ المؤمنين متصلة بأجنحة جعفر وقدرتها على التحليق بأمانيّهم وحوائجهم إلى فيوضات الساحة الإلهية المقدسة.
أما صوته الجهوري، فكان يعمر كلّ ناحية وناصية من أزقة الأحياء العتيقة في أنحاء البلدة، مُحدِّثًا تارة، وتاليًا للقرآن الكريم والأدعية والزيارات تارة أخرى. لا سيما في (فريقنا) القديم؛ حيث مجلس المرحوم سلمان أبو قرين.
أذكره وهو يزرّ عينيه المُشعّتين طيبةً مستفهمًا عن حال الوالد المرحوم: وش حال أبوك؟ سلّم عليه سلام كثير!
أوصلُ السلام لصِنو السلام، فيبتسم ذاك المتشبّث بأجنحة جعفر مجيبًا: وعليكم السلام!
كان لي والد، هو الآخر، يلاحق خفق صلاة الطيّار بجناحيه في الجنان. ولمّا خذلته الجوارح، صار يُوكِلُ أمرها إلى الحاج الأستاذ العبد الصالح المرحوم علي العمران نيابةً عن المرحومين والديه وعمّته.
تستعيد والدتي شريط ذكريات السيد العلوي بن السيد محسن مع العائلة، فتقول: كان رفيق والدك طويلاً بين المساجد والحسينيات في سنوات الصحة والعافية، والدك وعلوي السيد محسن وثالثهم الهَدِي. مرة افتقدنا والدك – تروي الوالدة – متأخرًا كثيرًا أكثر من عادته في المسجد، فأرسلنا في أثره، فإذا الرجل ورفيقاه فرغوا من فرض صلاتهم ثم راحوا يجولون بين الحسينيات. كانوا كالنحل ينهلون من أزهارها، يصبّون شهد عبراتهم من المآقي على الغريب في خلايا المآتم المعقودة على مصابه مُعتِّقةً الرزيّة الخالدة.
أما والده، المرحوم السيد محسن، فتخبر الوالدة أنه قد كان جليسًا دائم الحضور في مجلس الجد العامر بقلوب أحبته، عبد الله؛ جدي لأبي. في مجلسه الحسينيّ في بيته، ومجلسه الخاص نفسه بعدها جامعًا الأخلّاء، دمعة في الأولى، وضحكة في الأخرى.
رحم الله السيد الجليل، وصبّ على قبره وقبر والدي؛ رفيقه – في الجنان مع جعفر وأخيه علي عليهما السلام إن شاء الله - شآبيب الرحمة والمغفرة والرضوان.
بقلم ✍️
سالم الأصيل